اكاديميه الحب
الانسان الدافئ أهم من الورد والموسيقى، فالثانية تسمعها والأول تنظر إليه وتشمه، بينما الانسان التلقائي الطبيعي الدافئ الذي يتعامل بعفوية ودون أقنعة يعطيك ما هو أهم من اللمس والشم والاستماع، انه يعطيك الاحساس بجمال الانتماء الى بشرية لم تفقد روحها.
والدفء الانساني ينبع عادة من الحب الدافق الرهيف فهو الجسر الذي يربط بين القلوب ويوحد النظرات والمواقف ويصهر العواطف ويغربلها ويصفيها فيرمي الشوائب والمثبطات ويحتفظ للقلب والعقل بعصارة البوح الانساني، الذي نتوق اليه جميعا في صراعنا مع الوحدة وقسوة الأيام.
لقد كنا نظن الحب ضربة قدر ونظرة غيبية أولى، وسهم ذهبي مجنح، لذا تركه العلماء وأوشك أن يحتقره الفلاسفة تاركين أمره للشعراء الذين يكرهون التفاصيل، ولا يحبون التحليل والتفسير، فهذا تينيسون يخدرنا بجمال التعبير عنه ويحذرنا من مجرد السؤال عن أصله:
سعيد بحبي فلا يسألني أحد كيف جاء
حبي الزمردة الاكثر اخضرارا بين الحشائش
أو ياقوتة أكثر زرقة تذوب في لازورد البحار.
وكان يجب ان ننتظر دهرا حتى يأتي الأكاديميون ويخصصوا وقتا وجهدا لدراسة هذه العاطفة التي تحرك الكون ولا يكون للحياة طعم بدونها، وجاء هؤلاء وفي طليعتهم البروفيسور ليو بوسكاليا الذي يعتقد
اننا لا نقع في الحب ولا نسقط خارجه بل نتعلمه كما نتعلم أي درس في أكاديمية الحياة، وننمو في الحب وأثناء تعلمه لنشب عاطفيا ونقوم بدورنا بتعليمه للآخرين.
لقد درس هذا الاكاديمي الأميركي فصلا دراسيا كاملا عن الحب في جامعة جنوب كاليفورنيا ثم جمع نتائج تلك الابحاث والمناقشات التي جرت بين أكثر من مائة طالب من مختلف الأعمار والجنسيات في كتاب «الحب» الذي لخص فيه نظرته لتلك العاطفة التي أهملها العلم على أهميتها.
ولأكاديمية الحب ودخوله كمقرر دراسي غير ملزم قصة رواها البروفيسور بوسكاليا في كتابه فقد انتحرت احدى طالباته الذكيات بسيارتها على طريق صخري في لوس انجليس فظل على الدوام يتذكر نظراتها المفعمة باليقظة والحيوية وأبحاثها التي تدل على عقل نفاذ، ثم استنتج لما ازداد أرقه ان تلك الطالبة الشابة كان يمكن ان تظل على قيد الحياة، لو عرفت قلبا دافئا وصدرا حنونا ووجدت بعض الحب والعناية في محيطها العائلي أو الاكاديمي.
ومن تلك المأساة نبتت فكرة المقرر الدراسي عن تعليم الحب وتعلمه، وهي فكرة نظر اليها الاساتذة باستهجان لكن الطلاب أقبلوا عليها بحماس وساهموا في تطويرها، فأجمل الآراء عن الحب في كتاب بوسكاليا تأتي من الطلبة الشباب الأقدر على الحب من الكهول.
أحد هؤلاء الطلبة قال عن الحب: أجده يشبه المرآة،
فعندما أحب شخصا آخر يصبح مرآتي، وأصبح أنا مرآته، وبانعكاس حب كل منا على الآخر يتشكل درب اللانهاية.
إنه درب عجيب فهو الذي يوحي للعشاق بالأبد والأزلية وقدرة الحب على الصمود في وجه العواصف كلها، لذا نادرا ما تجد عاشقا حقيقيا لا يطالب بالأبدية أو يعد بها.
صحيح أن الحب مؤلم وجارح وقاتل أحيانا، لكننا لو اخترنا بين
الألم والعدم ـ كما يقول فوكنر في «النخيل البري» ـ لاخترنا الأول، فبالحب مؤلما كان أم سعيدا نقاوم العدم والتلاشي ونراود الأبدية عن نفسها، ومن أجل ذلك كله أو نصفه
أو ربعه يستحق الحب ان ننشئ له جامعات خاصة وأكاديميات لنتعلمه ونسعد به، ثم نعلمه
لغيرنا كي يزداد العالم دفئا ونضارة بتزايد أعداد القادرين على الود والتعاطف والحميمية وتجميل وجه كون يزداد توحشا ودموية وصقيعا، كلما نقص مناخه أكسير المحبة
الذي لا يقل أهمية للبشر عن الاوكسيجين.
الانسان الدافئ أهم من الورد والموسيقى، فالثانية تسمعها والأول تنظر إليه وتشمه، بينما الانسان التلقائي الطبيعي الدافئ الذي يتعامل بعفوية ودون أقنعة يعطيك ما هو أهم من اللمس والشم والاستماع، انه يعطيك الاحساس بجمال الانتماء الى بشرية لم تفقد روحها.
والدفء الانساني ينبع عادة من الحب الدافق الرهيف فهو الجسر الذي يربط بين القلوب ويوحد النظرات والمواقف ويصهر العواطف ويغربلها ويصفيها فيرمي الشوائب والمثبطات ويحتفظ للقلب والعقل بعصارة البوح الانساني، الذي نتوق اليه جميعا في صراعنا مع الوحدة وقسوة الأيام.
لقد كنا نظن الحب ضربة قدر ونظرة غيبية أولى، وسهم ذهبي مجنح، لذا تركه العلماء وأوشك أن يحتقره الفلاسفة تاركين أمره للشعراء الذين يكرهون التفاصيل، ولا يحبون التحليل والتفسير، فهذا تينيسون يخدرنا بجمال التعبير عنه ويحذرنا من مجرد السؤال عن أصله:
سعيد بحبي فلا يسألني أحد كيف جاء
حبي الزمردة الاكثر اخضرارا بين الحشائش
أو ياقوتة أكثر زرقة تذوب في لازورد البحار.
وكان يجب ان ننتظر دهرا حتى يأتي الأكاديميون ويخصصوا وقتا وجهدا لدراسة هذه العاطفة التي تحرك الكون ولا يكون للحياة طعم بدونها، وجاء هؤلاء وفي طليعتهم البروفيسور ليو بوسكاليا الذي يعتقد
اننا لا نقع في الحب ولا نسقط خارجه بل نتعلمه كما نتعلم أي درس في أكاديمية الحياة، وننمو في الحب وأثناء تعلمه لنشب عاطفيا ونقوم بدورنا بتعليمه للآخرين.
لقد درس هذا الاكاديمي الأميركي فصلا دراسيا كاملا عن الحب في جامعة جنوب كاليفورنيا ثم جمع نتائج تلك الابحاث والمناقشات التي جرت بين أكثر من مائة طالب من مختلف الأعمار والجنسيات في كتاب «الحب» الذي لخص فيه نظرته لتلك العاطفة التي أهملها العلم على أهميتها.
ولأكاديمية الحب ودخوله كمقرر دراسي غير ملزم قصة رواها البروفيسور بوسكاليا في كتابه فقد انتحرت احدى طالباته الذكيات بسيارتها على طريق صخري في لوس انجليس فظل على الدوام يتذكر نظراتها المفعمة باليقظة والحيوية وأبحاثها التي تدل على عقل نفاذ، ثم استنتج لما ازداد أرقه ان تلك الطالبة الشابة كان يمكن ان تظل على قيد الحياة، لو عرفت قلبا دافئا وصدرا حنونا ووجدت بعض الحب والعناية في محيطها العائلي أو الاكاديمي.
ومن تلك المأساة نبتت فكرة المقرر الدراسي عن تعليم الحب وتعلمه، وهي فكرة نظر اليها الاساتذة باستهجان لكن الطلاب أقبلوا عليها بحماس وساهموا في تطويرها، فأجمل الآراء عن الحب في كتاب بوسكاليا تأتي من الطلبة الشباب الأقدر على الحب من الكهول.
أحد هؤلاء الطلبة قال عن الحب: أجده يشبه المرآة،
فعندما أحب شخصا آخر يصبح مرآتي، وأصبح أنا مرآته، وبانعكاس حب كل منا على الآخر يتشكل درب اللانهاية.
إنه درب عجيب فهو الذي يوحي للعشاق بالأبد والأزلية وقدرة الحب على الصمود في وجه العواصف كلها، لذا نادرا ما تجد عاشقا حقيقيا لا يطالب بالأبدية أو يعد بها.
صحيح أن الحب مؤلم وجارح وقاتل أحيانا، لكننا لو اخترنا بين
الألم والعدم ـ كما يقول فوكنر في «النخيل البري» ـ لاخترنا الأول، فبالحب مؤلما كان أم سعيدا نقاوم العدم والتلاشي ونراود الأبدية عن نفسها، ومن أجل ذلك كله أو نصفه
أو ربعه يستحق الحب ان ننشئ له جامعات خاصة وأكاديميات لنتعلمه ونسعد به، ثم نعلمه
لغيرنا كي يزداد العالم دفئا ونضارة بتزايد أعداد القادرين على الود والتعاطف والحميمية وتجميل وجه كون يزداد توحشا ودموية وصقيعا، كلما نقص مناخه أكسير المحبة
الذي لا يقل أهمية للبشر عن الاوكسيجين.